وجهات نظر

ساحرة فى بلاد الشرق

خاطر عبادة
خاطر عبادة

بقلم: خاطر عبادة

دائما ما تخطف الساحرة المستديرة كل الأضواء، لما لها من شعبية وصدى وتأثير ويعشقها مئات الملايين حول العالم ولما تملكه من لغة مشتركة يفهمها جميع الناس، فالرياضة هى وسيلة للتقارب بين الشعوب وساحة للتواصل الإنسانى بجانب كونها مصدرا للبهجة؛ وعليه فإن استضافة كأس العالم- الحدث الرياضى الأكثر شعبية على أرض عربية هو بمثابة كرنفال عالمى وفعالية لنشر الحب والسلام واستكشاف التنوع والاختلاف ونوع آخر من الأصالة والجمال العربى.

كرة القدم تكون سفيرا للسلام والأخلاق والروح الرياضية وقد يستثمر البعض شعبيتها لتحقيق مكاسب واستثمارات أو تنظيم فعاليات ودية دولية لرفع الوعى بقضية أو قيم إنسانية وتعزيز ثقافة السلام والروابط الأخوية لتكون شاهدة على تطور العلاقات الثنائية والودية مثلما شاهدنا من تنظيم فعاليات كروية مصرية بدول خليجية شقيقة

لكن لا يمكن أن تكون الرياضة سفيرا لقضية غير أخلاقية مثل لجوء جهات أخرى بالخارج إلى استغلالها فى أمور سياسية تكرس الخلافات أو تروج لقضايا ترفضها جميع الأديان ولا يقبلها العقل ولا الطبيعة البشرية تحت دعاوى الحرية والديموقراطية، فلا يمكن الخلط بين الميول الجنسية الشاذة وحقوق الإنسان بقصد الإفساد.

طالما كانت الرياضة بمنأى عن كل ذلك الصخب السياسى والجدال؛ ومتنفسا للناس ومتنزه وترفيه بعيدا عن مشاكل الحياة و إزعاج السياسة؛ بل إنها تجعل من الاختلاف والتنوع مادة شيقة ومحبوبة للتنافس الشريف والتقارب بين البشر؛ لكن ما نشاهده ونسمعه من تدخل فج للسياسة الغربية ومحاولة إقحام قضية دعم المثليين وكأنها مادة إجبارية على كل ساحة رياضية دولية هو شيء مستفز ومقزز ومثير للاستياء والسخرية إلى حد الضحك فى آن واحد، خاصة ونحن نشاهد لاعبى أحد المنتخبات الأوروبية وهم يكممون أفواههم احتجاجا على منعهم من ارتداء شارة الألوان فى مونديال قطر.. فهذه القضية-كما يعلم الجميع- ليست محل اختلاف لأنها ليست فقط انحرافا عن الأخلاق ولكن خروجا عن الطبيعة البشرية أساسا، وشاهدة على الانهيار الداخلى بالمجتمعات الغربية والفجوة الأخلاقية الكبيرة بين الشرق والغرب..

ولا يجب أن ننسى أن الأرض الطيبة مثل الشجرة الطيبة أصلها متجذر وثابت وهى التى تفرض قيم أهلها وناسها على الغرباء وترفض أن يصدر إلينا ثقافات غريبة عن المجتمع والبيئة العربية الأصيلة ومهد الرسالات.. لتذكر العالم بأن هذه المنطقة ثرية بالأخلاق والإنسانية والأدب والثقافة وحب الخير والكرم قبل المال.. ولنعلم أيضا أن الحضارة والتاريخ العربى يقف شامخا وعظيما أمام سائر الأمم، كما أن فضل أجدادنا العرب على الإنسانية كبير؛ فتعلم منهم العالم أصول الحب ومعنى الجمال والكرم قبل اكتشاف أمريكا بمئات السنين.

ثقافتنا كشعوب عربية مسلمة محبة للسلام والناس وتعشق التنوع والاختلاف، وتنبذ التعصب والتعالى والكبرياء والكراهية؛ تحب الخير وتكره المنكر..
ولا يجب أن ينخدع الناس بمحاولات بعض الجهات السياسية فى الخارج من إذكاء الفرقة وتحويل التنوع والاختلاف الطبيعى إلى خلافات وصراع أو تأجيج الكراهية تجاه الثقافات الأخرى، أو تحويل المناسبات السلمية الجميلة إلى دعوة للتنابذ والتعصب.. وصخب سياسى و إعلامى فى كل مكان حتى تفقد المناسبات الرياضية معناها وتتحول إلى دراما وضجيج بلا معنى وينشغل الناس بالتعبير عن اختلافهم وخلافهم بحرية.. أو تتحول وسائل التواصل الاجتماعى والتقارب بين الشعوب إلى وسيلة للشحن والتراشق،، فنتذكر دائما أن هناك ما يوحد الشعوب والثقافات والروابط الإنسانية.. فكلنا إنسان من أصل واحد..

"يا أيها الناس إنا خلقنا من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".. فنلاحظ النداء الإلهى "يا أيها الناس فهنا التكريم يشمل كل البشر.. ولا فضل لذكر على أنثى ولا لعربى على أعجمى إلا بالتقوى.. والاختلاف إذن يجب أن نقبله على أنه شكل آخر من أشكال الجمال وسر ربانى للتجاذب والتقارب والمحبة والتعارف؛ أما سر القبول عند الله فهو أمر غيبى لأنه يكمن فى التقوى وهذا شيء يتعلق بالباطن ولا يعلمه إلا الله.. كما أنه ليس له علاقة بالجنسية أو العرق والشكل واللون.

وأخيرا.. من أبرز المكاسب أيضا أن صدى العرب أصبح مسموعًا بقوة فى أرجاء العالم، وأظهرت لنا تلك المناسبات كمّ كبير من مشاعر الأخوة العميقة وأثبتت لنا روابط الدم الواحدة حتى فى أبسط المواقف؛ بدت واضحة فى انفعالاتنا وتشجيعنا بحماس تجاه المنتخبات العربية المشاركة.. استطاعت كرة القدم أن تحيى مشاعر أخوية فياضة وتؤكد لنا كم نحن أخوة وأشقاء بالدم وليس بالكلام.

فندق سفير القاهرة
ساحرة فى بلاد الشرق خاطر عبادة