خاطر عبادة يكتب: مغامرة حماس.. هل هى مقاومة بلا أنياب؟
يوم لايتالمجازر الإسرائيلية المروعة ضد سكان غزة وكأنها تستمع بذبح المسلمين فى جنون ليس له مثيل- يجعلنا نتساءل جديا عن جدوى مغامرات حماس وهل هي حقا مقاومة بلا أنياب تستغلها إسرائيل كدافع ومبرر لإراقة الدماء ؟! .. لكن ما يزال هناك كثير من الغموض وعلامات الاستفهام؟!
بالطبع كلنا نأمل فى وجود مقاومة قوية على أرض فلسطين، لكن السؤال اليوم: من يتحمل رؤية تلك المجازر البشعة بين الحين والآخر، وصور الأطفال وهم يروعون تفجر المشاعر وترتجف لها القلوب والوجدان.. وذلك بزعم مطاردة حماس دون أن تحقق الأخيرة أى طاءل منها ولا ترقى حتى لكونها حرب استنزاف على غرار بطولات الجيش المصرى ضد الاحتلال قبل ٧٣.
ورغم فرحتنا فى البداية بأسر جنود إسرائيل ظنا منا أنهم يمكنهم مواصلة المزيد لتصبح المقاومة شوكة فى ظهر الكيان الصهيونى وتهديد، وفرض شروطها فى أى وقت للتحكم فى ايقاع الحرب أو وقفها ضد المدنيين.. أو أن الحركة اشتد ساعدها لتقوم بحرب استنزاف حقيقية..
لكن هل أرغمت صواريخها البدائية جيش الاحتلال على طلب التفاوض لوقف الحرب؟ ما الذى يضر إسرائيل غير أنها تريد أن تظهر للعالم كأنها تدافع عن نفسها.. رغم أنه لم يكن ما يبرر كل هذه القوة والإرهاب الغاشم سوى مزاعم عن وجود منصات لإطلاق صواريخ بين المنازل.. وفى نفس الوقت تواصل إسرائيل تنفيذ مخططها بتشريد وتهجير الفلسطينيين كما تفعل بالقدس والضفة.. أى أنها الطرف المستفيد من الحرب طالما أن المعركة غير متكافئة.. فهم لا يبحثون إلا عن النصر المضمون والسهل.. بخلق معارك زائفة
وللأسف فإن تلاشى فكرة إنشاء جيش عربى موحد منذ غزو العراق فى ٢٠٠٣، أدى إلى تنامى ثقة الناس فى حركات المقاومة، لتحافظ على ما تبقى من أمل للوحدة والنضال، لكن...
..إذا كان هدفهم لفت النظر إلى القضية الفلسطينية فهى بالفعل فى وجدان كل عربى والقضية الأم التى وحدت الشعوب العربية، لكن السؤال هو.. كيف يكون النضال دون أن أجر مواطنين عزل إلى ويلات الحروب مع عدو حقير لا يرحم ولا يعرف مباديء وقوانين الحروب فى معارك غير متكافئة بل تستخدم فيها قوى تدميرية رهيبة ضد أطفال ونساء؟!
وإذا كان من حقهم المقاومة ونيل الشهادة؛ فما ذنب الأبرياء العزل بجرهم إلى ويلات الحرب طالما أن العدو دنيء.. إذا كان السؤال بريء ويخلو من نظريات المؤامرة... لكن على الأقل من الضروري أن نتحلى بشيء من الحكمة؛ ونحن نتكلم عن أولويات الدول- حتى القوية المستقلة بذاتها لكنها لا تستطيع أن تورط نفسها فى معارك خارجية وحدها مع خصوم وحلفاء أكثر وأقوياء إلا فى حالة الدفاع؛ فما بالنا بحركات صغيرة؟
ما يقال بأن إيران وحزب الله وروسيا هم من يستغلون حركة حماس لاستفزاز إسرائيل وأمريكا بسبب تداعيات حرب أوكرانيا.. إذا كان هذا صحيحا فهل هى تابعة لهم وتدخل فى إطار حرب بالوكالة ثم يتركون حماس تقاتل وحدها.. وهذا ليس نضالا على حساب الشعب الفلسطينى المقهور الذى يواجه الطرد من كل مكان سواء فى القدس أو الضفة الغربية أو غزة، كما يهدد بجر المنطقة إلى حرب إقليمية
ولسوء الحظ.. اطلعت فى السنوات الأخيرة على تقارير إسرائيلية عديدة تشكك فى بطولات حماس وتتهمها بعقد اتفاقات سرية مع حكومة نتنياهو لتشكل مقاومة بلا أنياب فى غزة.. وقالت "إسرائيل لا تريد القضاء على حماس"
بعد سنوات من حرب غزة الدموية عام ٢٠٠٩.. خرجت علينا الصحف العبرية بتقارير لتفسد احتفالات حماس بعد كل حرب؛ وتزعم عن اتفاق بين حكومة نتنياهو وحماس ليدعم كل منهما شعبيته بسبب الحرب وتكون نتيجتها تعطيل المصالحة الفلسطينية.. طالما أن هناك خلاف فلسطينى فلسطينى بين فتح وحماس لن يتحد الفلسطينيون أبدا.. وهذا سبب كبير يضمن بقاء إسرائيل .. ويعيق تشكيل حكومة وحدة بين حماس وفتح وتستغل إسرائيل لذلك لتعميق الانقسام الفسطينى..
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية عدة تقارير حول وجود اتفاقات شفهية وغير معلنة بين حكومة بنيامين نتنياهو وحركة حماس، منذ توليه السلطة فى 2009، قائلة إن الحكومة الحالية لا تسعى للقضاء على حماس.. بل تريدها أن تظل قوية.
وزعمت أن تلك التقارير كشف عنها نائب نتنياهو السابق (حايم رامون) فى كتابه "ضد التيار"، وأعلن فيه عن الأسباب التى دفعت رئيس الحكومة اليمينية المتشدد لاتخاذه من حماس شريكا مقربا لعرقلة حل القضية الفلسطينية، وتم بمقتضى ذلك السماح بوجود حكومة قوية لحماس فى غزة من أجل خلق صدع وانفصال بين الضفة الغربية وغزة و عدم تحقيق الوحدة الفلسطينية حتى لا تتأسس دولة فلسطينية موحدة بزعم أن السلطة الفلسطينية فى الضفة لا تمثل جميع الفلسطينيين.. وبالتالي تتوقف العملية الدبلوماسية بين تل أبيب و رام الله، ولا تتم مناقشة فكرة حل الدولتين.
وقال التقرير (مثلما يمثل تنظيم حزب الله ثروة استراتيجية لايران في لبنان، فإن إسرائيل لديها ثروة استراتيجية متمثلة فى حماس بقطاع غزة)
وأشارت إلى أن حكومة حماس تلعب دوراً رئيسياً في فصل إسرائيل للضفة الغربية عن غزة.. لافتة إلى أنه عندما تطلق حماس الصواريخ، ترى إسرائيل أنها شريك انتهك اتفاقًا وليس هدفًا للتدمير.
ختم التقرير الإسرائيلى بقوله إن وجود حماس قوية خدم حكومة نتنياهو.. )) لكن للأسف فإن قوة حماس بلا أنياب حقيقية طالما تمتلك صواريخ بدائية لا تؤذى إسرائيل سوى بخدوش طفيفة ولا يمكنها اختراق منظومة القبة الحديدية..